كيفَ يمكنُ أنْ تكونَ ردةٌ الفعلِ لدى الأولاد الذين يعيشون في ظل العنف الاسري ؟
يمكنُ أن يكونَ هنالك تفاوتٌ في ردودِ الأفعالِ بينَ الأولادِ الذين يمرّون بتجربةِ العنفِ الأُسري، لذلك علينا أن نكونَ واعيينَ لذلك وأن نتحلى بالصبرِ والتفهم عندما نريد أن نقدمَ المساعدةَ. من المهم أنْ نفهمَ أنّهُ لدينا القدرةَ والقوةَ على تغييرِ الواقعِ وحتى على إنقاذ الارواح. فَمُدّوا يدَ العونِ وساعدوهم كي يكبروا على نحوٍ آخر.
الامتناع:
العديدُ منَ الأولادِ قدْ يطورون آليات دفاعٍ في ظلِ العنفِ الأسري. فبعضهم يفضل آليةَ التجاهلِ عندَ حصولِ أيَّ حدثٍ عنيفٍ، فترى البعضَ يقومُ بممارسةِ لعبةً ما ومنهم من يشاهدون التلفاز، يعتكفون في غرفهم أو يفضلون الخروج من البيت للعب ولقضاء الأوقات.
الإنكار:
هنالك وسيلةٌ اخرى لتجنبِ أحداثِ العنفِ يقومُ على الانكارِ. فالولدُ أو البنتُ لا يريدونَ مواجهةَ العنفِ الحاصلِ في البيتِ، فهم لا يريدونَ الانحيازَ لأحدِ الوالدين فلذلك هم يفضلونَ تجاهلهُ أو حتى إنكار وجودهِ. يمكن لهؤلاء الأولاد أن ينكروا العنفَ أمامَ أشخاصٍ بالغين أو حتى أمام اشخاص مهنيين. من المهمِّ أنْ نعلمَ أن هذا لا يعني أَنَّ العنفَ لمْ يؤثر عليّهم بل أنّهم لا يملكون الادوات لمواجهة ذلك.
التّعاطفُ معَ الوالدِ المسيءِ أو اتّخاذُ موقفٍ:
العديدُ من الأولادِ يشعرونَ بأنّ عليّهم الاختيار بينَ أَحدِ الوالدين. فمعظمهم يتعاطفون مع الوالدِ المعتدى عليّه فيشعرونَ بألمهِ كما لو كانوا هم المعتدى عليهم. ولكن هنالك البعضُ منهم من يتعاطف مع الوالدِ المعتدي وينظرونَ إليّه كشخصٍ قويٍ ومؤثِّرٍ ظنًا منهم بأن هذا التَّعاطف قدْ يحميهم ويمنعهم من أن يكونوا الضّحية ويساعدهم لأن لا يشعروا بأنَّ الوالدَ المعتدي هو شخصٌ "سيءٌ" . فبكلتا الحالتين فإن التّعاطف مع أحدِ الوالدين لا يحسّن من وضعِ الأولادِ ولذلك يجبُ علينا أن لا نشجعهم على الانحياز لأحد الوالدين.
التّبريرُ والتفسيرُ:
يفضِّلُ العديدُ من الأولادِ التَّعاملَ معَ العنفِ الأُسري بمنطقٍ عقلانيّ، فعلى سبيلِ المثالِ، إذا ما قام الأبُ بالاعتداء على الأمِّ, فذلك لأن الأمَّ قامت بعمل سيءٍ. هذا النَّوعُ من ردود الأفعالِ ذات الطّابعِ العقلانيّ يساعدُ الأولادَ، وبالذّات صغار السِّنِ, أن يكوِّنوا لأنفسهم واقعًا يكون من السّهل عليهم التّعايش معه. من المهمِّ أن نعلمَ بأنَّ الولدَ لا يرى بالعنفِ شيئًا إيجابيًا بل هوَ يحاولُ إيجاد اَليات مناسبة لكي يستطيعَ بواسطتها أن يواجهَ الوضعَ في البيتِ.
خدر عاطفي أو عدائي :
من الممكن للأولاد الذين يعيشون في بيتٍ يسودهُ العنفُ الأسريُّ أن يطوروا ما نسميه خدرًا عاطفيًا، فنراهم غير متواصلين مع مشاعرهم ، لا مبالين إزاءَ مصيبةِ الغيرِ وغيرُ مكترثين لمصيرهِ. فإحدى ردود الأفعالِ التّي تميزُ هذا النَّوع منَ التَّصرف تكونُ انعدام مظاهرِ الغضبِ إلى جانبِ انعدامِ مظاهرِ الفرحِ وبهجةِ الحياةِ. يمكنُ أن نلحظَ ردةَ فعلٍ أُخرى تكونُ على شكلِ عنفٍ وعدوانيّةٍ وذلك لدى الأولاد الّذين لا يستطيعون ضبطَ مشاعرهم ولا يستطيعون التّغلبَ على الفوارقِ الحاصلةِ في البيتِ. فهؤلاء الأولاد يمكن أن يتصرفوا بعدوانيّةٍ اتّجاهَ أبناء جيلهم أو حتّى اتجاه أشخاصٍ بالغين أو أشخاصٍ ذوي سلطة في البيئةٍ المحيطةِ بهم. من الأفضل في هذه الحالات أن لا نتسرعَ ونطلقَ الأحكامَ اتّجاهَ هؤلاء الأولاد, بل أن نحاولَ أن نوفِّرَ لهم ملاذًا آمنًا يخلو من العنفِ والألمِ .
المعلومات متاحة بالتنسيق مع العاملة الاجتماعية منى مزاوي (معالجة ومرشدة بمجال العنف الاسري) ولا تشكل بديلا لاستشارة خبراء في هذا المجال